أكد مهندسون وخبراء ومطورون عقاريون، أهمية إعداد الدليل الاسترشادي للتعمير في مناطق التراث العمراني، الذي يأتي في إطار تنفيذ التوجيه الملكي السامي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلد المعظم حفظه الله ورعاه، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، بشأن المحافظة على الهوية التاريخية والثقافية لمباني ومدن البحرين.
وقالوا في تصريحات خاصة لوكالة أنباء البحرين "بنا" إن التقيد بما جاء في هذا الدليل الاسترشادي سيسهم في الحفاظ على هوية المناطق القديمة وخصوصا منطقة المحرق التي تعكس ثراء الحضارة البحرينية واستدامتها للأجيال القادمة، بما يحقق ويضمن وجود بيئة حضارية ذات عمق تاريخي يحفز على تحقيق العائد الاقتصادي منه، فالدليل يمثل مرجعا علميا متخصصا يضمن المحافظة على هذه المناطق بتفاصيلها وروحها القديمة.
السيد ناصر الأهلي عضو مجلس إدارة جمعية رجال الأعمال، ورئيس لجنة العقار بجمعية رجال الأعمال البحرينية، أكد مسئولية العقاريين في الأخذ بما جاء في الدليل الذي قدمته وزارة الإسكان والتخطيط العمراني والمتعلق بالمواقع التراثية، مشيرا إلى وجود مناطق مهمة لا يمكن التصرف فيها والتداول العقاري فيها بشكل حر، لاسيما وأن هناك مناطق تغيرت فيها معالم الفرجان القديمة بشكل كبير، الأمر الذي يفقدها خصوصيتها بما تحويه من عمق تراثي وثقافي.
وأضاف: منذ 10 سنوات وأكثر كنا نواجه مشاكل في لجنة تثمين أملاك الدولة، فالمناطق التراثية تعتبر ثروة وطنية لا يمكن تثمينها بالشكل الاعتيادي، وأسعارها لا تخضع لمقياس السوق.
واقترح الأهلي أن يتم تعميم هذه الإرشادات على منطقة باب البحرين والفرجان القديمة وعدم تطبيقها فقط في منطقة المحرق، فالمناطق التراثية لا يمكن اعتبارها أرض تجارية فهي ثروة وطنية لا تقدر بثمن، وأكد أهمية توجه الدول في إحياء المناطق التراثية.
واعتبر وجود هذا الدليل الاسترشادي بالبادرة المتميزة التي ستسهم في تغيير نظرة العقاريين وزيادة اهتمامهم بالبعد والتصميم التراثي، وختم تصريحه بطرح فكرة الأخذ والاستفادة من تجارب الدول في الحفاظ على مناطقهم القديمة دون طمس شخصيتها وروحها، فللمكان قصة وتاريخ وهوية.
من جانبه أوضح السيد جعفر العريبي مؤسس إبسيلون للاستشارات والخدمات العقارية أن هذا الدليل يعتبر خطوة متقدمة من وزارة الإسكان والتخطيط العمراني لإعادة إحياء المناطق التراثية والأحياء القديمة، فمثل هذه الجهود ستسهم في إعادة الحياة لهذه المواقع القديمة، وسيدفع السكان للعودة لمناطقهم، كما وسيخلق بيئة طيبة لهذه الأحياء، ففي هذه التصاميم والارشادات لمسة من الحداثة بواقع تراثي متفرد، وستؤثر إيجابا على البعد البصري للمنطقة، الذي سيؤثر بطبيعة الحال على مستقبل العقار في المنطقة، فالمنظر الجمالي يعتبر عامل جذب كبير لأي دولة، كما أن تطوير الأبعاد الجغرافية في المحرق سيكون بمثابة نموذج قابل للتطبيق في مناطق أخرى.
وأكد العريبي أهمية التراث بوصفه قيمة حضارية ووطنية لا تقدر بثمن، لاسيما وأنها تنبع من أهمية العمل الإنساني والحضاري، فمضمون الدليل يهدف للحفاظ على طراز العمران وثقافة المكان، فهذا المستند الرسمي بما يحويه من إرشادات ومعايير وتصاميم مقترحة يشكل قيمة مضافة لهذه المناطق، كما يرفع من قيمة العقارات.
وأضاف أن تغيير المعايير المعمول بها سيخلق حلولا لإعادة هندسة التكاليف التي قد تطرأ لاحقا، فالأنماط الجديدة من العمران، ستنتج أدوات لإعادة هندسة التصاميم بشكل قابل للتطبيق يتوافق مع المكون الثقافي الأصيل للبلد، وسيخلق منظرا جماليا وسيشكل عامل جذب مهم للمنطقة، كما سيزيد من انسجام وديناميكية وتناسق العمران بما يسهم في زيادة جمالية المنظر.
وفي السياق ذاته قال السيد علي الغسرة رئيس قطاع الأعمال في عقارات كارلتون إن مبادرة وزارة الإسكان والتخطيط العمراني لإصدار هذا الدليل ستسهم في إيجاد توصيف دقيق لمستقبل العمران، فهو دليل يشمل الطرق والمواقع الأثرية والحدائق وغيرها من التفاصيل، ويعتبر مرجعا مهما يعتد به ويمكن تعميمه على باقي المناطق، ويقدم مقترحات جميلة لكل مهتم في مجال العمران والبيوت القديمة، ولأي متذوق لهذا الشكل العمراني والهندسي التراثي الذي يجمع بين الحداثة والاصالة معا.
وبين الغسرة أن هذا الدليل لم يغفل مساحات التشجير والمعالجات التصميمية وطرق إخفاء المرافق والمكيفات والعدادات، فهو يقدم تصورات تضمن التناغم البصري بين المباني الحديثة والتراثية، وهو ما لم يكن يتطرق له في السابق، وتمنى أن تكون هناك خطوات إلزامية كما هو معمول به في المدن الجديدة، وألا يتم الخروج عن طابع التصميم العام، فالدليل يحتوي على تصاميم مفصلة، ويمكن أن يستفيد منه أي قارئ سواء كان فنيا أو مهندسا أو مهتما.
بدوره قال السيد خليل إبراهيم عيد المدير العام لأبراج بن عيد العقارية إن الدليل الاسترشادي للتعمير في مناطق التراث العمراني يقدم باقة من الضوابط التصميمية للتعمير ولواجهات المباني والبنية التحتية وغيرها من تفاصيل البناء الذي يحفظ البعد الثقافي والتراثي للمنطقة.
وأوضح أن ما يتم إعداده من تصورات تختص بالحفاظ على الهوية الثقافية في المحرق يمكن أن يتم تطبيقه أيضا على منطقة المنامة، حيث التراث والأصالة والعمق التراثي المتفرد.
وأكد أن عملية تطوير المناطق بهذه الطريقة التي تحفظ خصوصية التصاميم البحرينية التراثية ستزيد من مقاصد السياح إليها، فالحفاظ على القديم هو سر التميز والنجاح، وثمة نماذج عالمية طبقت هذه الفكرة ونجحت في جذب الناس لها، وأشار إلى أن الالتزام بهذه الاشتراطات قد يكون مكلفا، وتمنى أن يكون الأمر مدعوما بما يحقق الانتعاش الاقتصادي.
إلى ذلك أوضح السيد علاء البحراني عضو مجلس ادارة شركة طيبة العقاري أن هذا الدليل الاسترشادي يمثل رؤية متقدمة لخطة عمرانية شاملة للمواقع التراثية القديمة، فهو لا يقدم مقترحات تتعلق بشكل المباني فقط، بل يسهم في المحافظة على شخصية المكان وخصوصيته، وقال إن النتيجة ستكون إيجاد بقع جغرافية متميزة بطراز العمران فيها، تسهم في تقوية الواقع الاقتصادي والاستثماري.
وأضاف البحراني أن الدليل يمثل خطة تدمج قواعد بناء الجماليات وتدفق حركة المرور والمساحات الخضراء، فهو يقدم نهجا شاملا ومواصفات تصب في تحقيق التنمية الحضرية مع الاحتفاظ بالشكل التاريخي للمحرق باعتبارها النموذج الأولي لمشروع يمكن تعميمه.
وبين أن تنفيذ هذه الخطة في أماكن أخرى سيعزز قدرة المدينة على زيادة جاذبيتها وخلق بيئة جاذبة لرغبات المقيمين والزوار على حد سواء، فأي مطور عقاري سينظر لهذا الدليل على أنه دليل يقدم مبادئ توجيهية لمشاريع مستقبلية تسهم في مواءمة المشاريع بما يحقق الجاذبية العامة وتميز مشهد المدينة العام.
وأكد السيد محمد فتيل صاحب مكتب عقارات بوابة الجنبية أن الدليل الإسترشادي للتعمير في مناطق التراث العمراني تميز بالتكامل والوضوح والاهتمام بأدق التفاصيل، وسيكون له دور مهم في وضع الاستراتيجيات العامة للمطورين العقاريين للبدء في العمل على تطوير المشاريع في مناطق التراث العمراني.
وأبدى فتيل إعجابه، باهتمام الدليل بأدق التفاصيل الهندسية والمعمارية، واصفاً إياه بالشامل والمتكامل من حيث اهتمامه بضوابط التعمير، والتصميم والبنية التحتية إضافة إلى مساحات التشجير، وختم تصريحه بتأكيده على أن هذا الدليل المميز سيكون بمثابة اللبنة الأساسية التي يرجع إليها جميع المهتمين بالعقار والتراث من مطورين عقاريين ومكاتب هندسية ومواطنين.
بدوره قال السيد جاسم محمد رئيس شركة دار السلطان العقارية إن مشروع المحافظة على التراث العمراني البحريني الذي انطلق من مدينة المحرق له أهمية متعددة الأبعاد تتمثل في الأهمية التاريخية والحضارية والعلمية والاجتماعية والاقتصادية والفنية والجمالية.
وعبر عن أمله في أن يتم تعميم المشروع على مختلف مناطق المملكة، وقال إن الاهتمام بالتراث العمراني يعزز جانب الهوية والاستمرارية الاجتماعية لدى الفرد والمجتمع، كما يساهم في تعزيز التماسك الاجتماعي وتأصيل الوطنية الثقافية.
وأضاف جاسم أن الدليل الاسترشادي يعتبر دليلا ضروريا من أجل تنفيذ خطة العناية والاهتمام بالتراث العمراني الوطني، وهذا يدعونا الى التفكير من جانب استثماري عبر بوابة السياحة فهي رافد مهم في دعم الاقتصاد الوطني.